ليلة الشعبانية
ليلة الشعبانية (جمل الشعبانية)
ليلة نصف شعبان تحظى بمكانة كبيرة لدى سكان مدينة إب، تصل الى الاحتفالية الكبيرة الممزوجة بطابع ديني، وإن كانت الاحتفالية تطغى أكثر على الطابع الديني .
عامة، ليلة نصف شعبان لها مكانة لدى اليمنين في كل مكان في اليمن ، لكن مدينة إب تتميز عن باقي مدن اليمنية بطقوس خاصة في هذه الليلة، و بسبب ذلك الاختلاف أصبح الكثير من سكان المدن المجاورة يتسألون عن السر وراء تلك الطقوس و العادات و أصلها.
قبل الليلة يستعد منازل مدينة إب لهذه الليلة ، بعمل الكعك والذمول(نوع من المعجنات) والرزنة( نوع من المعجنات) والطنفاش( الفشار)، و اعداد وجبة العصيد لأكلها ليلا . و شراء الحلوي و المشروبات و الشمع و الفوانيس والثياب الجديدة للاطفال. وقديماً كانت تقوم الاسر بنفسها بصناعة القناديل (عبارة عن قطعة من قماش تلف على شكل قلم طويل و تغمس بالزيت و اللبان المحروق).
الفرحة بليلة النصف بشعبان تكاد تكون أعظم من فرحة الاعياد الاخرى ، ربما لتفردها بخصوصيات جميلة ، و لكثرة الطقوس التي يمارسها الناس لأجل اتمام ليلة الشعبانية، فهي ليست مثل باقي الاعياد التي تقتصر على زيارة الاهل فقط.
بعد غروب شمس ليلة النصف من شعبان ، تكون المنازل قد أعدت أكياس صغيرة ممتلئة بالطنفاش(الفشار) و بداخلها شكلت و مليم( حلويات) و شمعة و كعكة ، و ثلاجات فيها مشروبات. تلك الاكياس توزع على اطفال الحارات الذين ياتون لزيارة البيوت للتمسية بليلة الشعبانية و يقدمون لهم مشروبات. أما أهل المنزل فيجتمعون و يتناولون المعجنات و العصيد ( أكل العصيد عادة قديمة)، و أما الاطفال فليبسون الملابس الجديدة .
لكن قبل خروج الجميع من المنزل اذا لم يتاخر الوقت ، فهم ينتظرون ايقونة الليلة و هو جمل الشعبانية ( مجسم خشبي كبير مغطى بالقماش ، و معتنى به جيدا ، و بداخله ثلاثة اشخاص يقومون بحملة)، و عند حضور الجمل ، و يكون بصحبة سائس الجمل ، يقومون بفتح المسجلة على صوت ينشد تمسية شعبان، ثم بعدها يقوم الجمل بالرقص على وقع الطبول و الاطفال و سكان المنازل يتجمعون حوله و هو يرقص رقصات متناغمة مع الطبول و الليلة ، و يقوم سكان المنازل باخذ اطفالهم و وضعهم فوق الجمل اثناء الرقص ، و الخوف و البكاء دائما ما يصاحب الاطفال عند قدوم الجمل المخيف بالنسبة للصغار، و ليس هناك جمل واحد ، بل عدة جمال يصنعها اشخاص عديدون. هناك الجمل الكبير و الجمل الصغير، فالجمل الكبير هم خاص بالاسر التي توارثت هذا العمل ، و الجمل الصغير يقوم بتصميمة أطفال الحارات بامكانيتهم المحدودة، و اذا تأخر قدوم الجمل ، يخرج الجميع لزيارة الاهل بصحبة الاطفال و هم يحملون الشموع و القناديل و الفوانيس ، و يذهب الاطفال ايضا لمنازل الحارات و يدقون على ابوابها و هم يحملون الشموع و القناديل و الفوانيس، يمسون عليهم بليلة شعبانية و هم يرددون اغاني الليلة التي تقول:
ألا مساء ......ليليه يا ليلــــــــــيه. ألا مساء........ليلة الشعبانيه
ألا مساء.......جوك امسي عندكم . ألا مساء ......زوجوني بنتك
ألا مساء..... جوك امسي من يريم . ألا مساء..... بالغراره والشريم
ألا مساء..... جوك امسي من عدن . الا مساء ......طرشوني باللبن
يحصل الاطفال على اكياس مليئة بالفشار و الكعك و الحلوى و الشمع و نقود (حق الشعبانية) و يشربون المشروبات .
اما المساجد ، فتمتلىء بالذكر و التهاليل و رائحة البخور و ماء الورد ، و بعض الاسر تقيم موالد ذكر في منازلها.
هذا تقريبا شكل الطقوس في مدينة اب ، التي عرفها الجيل الحديث نسبيا ، و هناك عادات اخرى كانت قديما و قد اختفت .
ما اصل ليلة نصف شعبان بشكل عام ، و ما قصة ذلك المجسم الخشبي الجمل و تلك الطقوس في مدينة إب ؟
ليلة نصف شعبان احتفال ، و يؤكد انها احتفال شكل الطقوس في مدينة اب و تشترك معها مدينة الحديدة و التي تسمى عندهم ( البهجة ) ، و من التمسية يدل على انها مناسبة فيها ابتهاج اكثر من طقس ديني ، ايضا مفردات الاهازيج و الاغاني المصاحبة لهذه الليلة ، و التي تبدا بكلمة ( الا ) و هذه الكلمة مشهورة في اغاني الابتهاج لدى سكان المناطق الوسطى ، و التي تكثر في المهاجل و الافراح ، على حسب تفسير الباحث نزار عبده غانم حول تفسيرة لتلك الكلمة التي تكثر في الاغاني و المهاجل ، و يعزوها انها لا تقال الا في الاغاني التي فيها الابتهاج و الفرح.
بواسطة: م. أحمد سيف