المدرهة
كعادتهم، يمزج اليمنيون بين الفن والدين في موروثهم الحضاري من عادات وتقاليد تناقلوها منذ القدم. المدرهة كما يطلق عليها أهالي صنعاء بلهجتهم العامية تعني لغوياً الأرجوحة وهي فعالية إحتفائية وإحتفالية بحجاج بيت الله الحرام.
يقوم أهالي الحجيج بنصب أعمدة من حديد أو خشب في إحدى الساحات العامة في المدينة أو في أفنية منازلهم ويتم تعليق أرجوحة تقليدية مصنوعة من السلاسل أو الحبال ومن ثم تعلق أغراضً شخصية للحاج أو الحاجة كثوبٍ أو غترة أو أي غرضٍ آخر ويبدأ المهرجان حيث يصعد الناس إلى الأرجوحة واحداً تلو الآخر وينشدون الأهازيج الدينية الخاصة بهذه المناسبة والتي تأتي من فن النشيد الصنعاني وغالباً ما تعبر على الوداع والإشتياق والإنتظار بحكم أنهم يفتتحون مهرجانهم بداية بتوديع الحجيج من اليمن ومن ثم إنتظارهم وأخيراً إستقبالهم من رحلة العودة. ويتخلل هذه الأهازيج الجماعية، رقص تقليدي وقرع للطبول يستمر أياماً كنوعٍ من الإحتفال والترفيه.
قد تختلف مسميات هذه العادة التراثية من منطقة إلى أخرى بحسب تسمية العامة للعبة الأرجوحة في المنطقة مثل الدُشديشة والمرجيحة والدرديهة والدُريهة إلا أن الفكرة والطقوس هي نفسها.
من الملاحظ أن هذه العادة قد قل الإقبال عليها من قبل الناس بسبب مشاغل الحياة وبسبب وجود أماكن ترفيه أكثر والتي يجدها البعض أفضل. في مقابلة له مع موقع "الجزيرة نت" يقول الحاج محمد الفقيه أحد سكان صنعاء، أن أبرز التغييرات التي طرأت على هذا التقليد الشعبي هو حصره في شهر ذي الحجة فقط بينما كان الناس يحتفلون به لأشهر طوال بحكم قدمية وسائل المواصلات التي كانت تتطلب من الحجيج السفر قبل ذي الحجة بشهور.
المدرهة تقليد شعبي يمني مهدد بالإندثار من بين أوساط المجتمع اليمني إلا أنه ثمة العديد من محاولات تدوين هذا الطقس الديني والإجتماعي خلال العقد الأخير مثل إصدار كتاب مختص بالمدرهة من قبل وزارة الثقافة اليمنية في عام ٢٠٠٥، وجمع الأهازيج الدينية ضمن كتاب "فن النشيد الصنعاني" للأستاذ علي محسن الأكوع رئيس جمعية المنشدين اليمنيين. وتبعه في الآونه الأخيرة التدوين السمعي والبصري للمدرهة في منصات الوسائط وأبرزهم المنصة الشهيرة "يوتيوب" نقلاً عن نفس الموقع.
وسائط