الدودحية

من قنبوس موسوعة التراث

الأغنية الشعبية المسماة «الدودحية»، التي تبلغ من العمر نحو مائتي عام، وهي من تراث مدينة «خبان» في اليمن؛ المنطقة المعروفة بموروثها التراثي الغنائي الغني الذي تضاهي فيه التراث الصنعاني المعروف، حتى أن البعض من أرباب التراث الغنائي أوصل التناظر بين تراث صنعاء وخبان إلى «التحدي» في العراقة والحفظ.

وأغنية ــ الدودحية ــ كانت تعبيرا في ولادتها ونشأتها عن سخط اجتماعي، عما يرفضه المجتمع في خبان، حيث كانت الأغنية عبارة عن «جرسة وفضيحة لعاشقين» من المنطقة اكتشفت قصتهما بفضيحة، وتحولت أهزوجة مطاردتهما بكلمات نابية استحالت أغنية كسبت اسم الفتاة «الدودحية» ويقول كلامها:

(يادودحية يابنت «الـ ...» إنا قد «دردحوبش» ملان سوق اليمن).

ويشبه الشاعر البردوني الأغنية الدودحية في الفن الشعبي اليمني بخمريات أبي نواس في الشعر الفصيح، أو كغراميات إبن هتيمل اليمني، أو كعذريات الشعر الأموي، وكروميات أبي فراس في التوق إلى الإنطلاق من الأسر، لأن تلك الأغنيات لم تتوخ الدودحية كقضية، وإنما فجرت الكظوم النفسية لدى عامة الشعب، فلو أنها حدثت في واحد من بيوت الطبقة الدنيا لكانت من الأمور العادية ولما شغلت الشعراء والمغنين والباحثين.

ويرى الاديب عبدالله البردوني بأن حكاية «الدودحية» كانت ضحية عشق جسدته التقاليد فمنعت زواج العشيقين فأدى هذا إلى مايؤدي العشق المحروم فلاقت العشيقة مقتلها فشاعت عشرات الحكايات والاغنيات، فغناها كل اليمنيين من عام «41ـ 48». أيضاً يشير البردوني إلى أن حكاية الدودحية ،تكاد تماثل العديد من القصص والحكايات العربية مثل «الميجنة» في سورية الكبرى التي صارت رمز الفن الغرامي الغناء إلا أن «الميجنة» غائبة القصة حاضرت الترديد الغنائي وغيرها. [١]

كلمات الأغنية

يا دودحية ويا غُصن القنا

قد دردحوا بش على وادي بنا

أمان يا نازل الوادي أمان

يا دودحية جَبَالش خَزِّني

القات مِعْلي ومحبوبش غني

دُنِّي من الكوز سُكَرْ واركني

أمــان يانازل الوادي أمـــان

بالله اشهدوا لي على ابن الدودحي

لا زوَّج اخته ولا هي تستحي

أمــان يا نازل الــوادي أمان

يا دودحية توصي لا عدن

يدوا لبوش عطر ويدوا لش كفن

أمان يا نازل الوادي أمان

يا دودحية ويا قُمري خُبان

خبيرتش بنت عامل كوكبان

أمان يا نازل الوادي أمان

يا دودحية لقينالش خبير

هي بنت غمضان من البز الكبير

وبنت ابونيب في دمنة خدير

أمـــان يا نـــازل الــوادي أمـان

بنت الصباري وبنت الدودحي

قد زوجين العزب والملتحي أمـــان يا نـــازل الــوادي أمـان [٢]


و الدودحية توصي لعدن

يدوا لش العطر والباقي كفن

أمان يانازل الوادي أمان

ولا عد قرش لا عاد ظني

و الولد يرجف تحت الكروش

أمان يانازل الوادي أمان

يا دودحية وقومي إتعطري

قد صاحبش سار صنعاء يشتري

أمان يانازل الوادي أمان

و الدودحية من أغوى عقلها

تقوم من الصبح تصيح من بطنها

أمان يانازل الوادي أمان

يادودحية أبوش كان مستريح

و اليوم أمش تعزي وأبوش يصيح

أمان يانازل الوادي أمان

و الدودحية تكبر بطنها

ولا استحت من أبيها وأمها

أمان يانازل الوادي أمان


وأصبحت تتردد قرابة مائتي عام إلى أن جاء شاعر اليمن الكبير مطهر الأرياني في الثلث الثاني من القرن الماضي ليكتب ذلك النص الشهير والوجداني على نفس اللحن، وهو النص الذي ردده كثير من مطربي اليمن والمملكة ودول الخليج (خطر غصن القنا... وارد على الما... نزل وادي بنا... ومر جنبي ... وبأعيانه رنا نحوي.. وصوب سهامه واعتنى). ومنهم فناننا الكبير الراحل عبدالله محمد الذي عرف في شبابه باسم الدودحية لترديده ونشره الأغنية في الطائف، وقبله وبعده كان كثيرون رددوا الأغنية بدءا من علي الأنسي ثم عبد الرحمن باجنيد، وفايزة عبد الله ومحمد عبده، ومحمد عمر وطاهر حسين وصالح خيري وغيرهم.

خطر غصن القنا.. وارد على الماء نزل وادي بنا

ومر جنبي وباجفانه رنا.. نحوي وصوَّب سهامه واعتنى

وصاد قلبي أنا يا بوي انا.. أمان وا نازل الوادي أمان

يا دودحية أسف شتودَّعك..

مغصوب والحس والمهجة معك

بدمعته عاش طرفي يزرعك..

والقلب من كل نهدة جمَّعك

يا دودحية على صدر السنين..

نثرت لك زهر أيامي حنين

واحرقت شبَّة بعمر الياسمين..

على لظى جمر شوقي والأنين

ما صار يا دودحية لي ولك..

لا تسأليني ولا عاد شسألك

حكم القدر عن طريقي حوَّلك..

وسلَّمك نذل ما يستاهلك

يا دودحية يقولوا الناس عيد..

وكلهم شلبسوا باكر جديد

وانا مع حسرتي عايش وحيد..

وانتي تنوحي وجهالك بعيد

يا دودحية كفى ما راح راح..

بسِّك مدامع ويكفيني جراح

خيرة سنيني سدى سارت نواح..

حنيت وابكيت أنكاب الضياح

يا دودحية أنا المحروم انا..

ربَّاني الشوق في حضن العنا

لا تحسبي لحني الباكي غُنَا..

نحتُ وخلَّيت للغير الهنا

يا دودحية خلاص فات الأوان..

على هوى عمرنا دار الزمان

إتذكَّري أمس كيف كنَّا وكان..

حلَّه شنبكي على ذاك الحنان[٣]

في بحثي هذا عن الأغنية لجأت للفنان فؤاد الكبسي الذي أحالني بدوره إلى المحامي اليمني من خبان نزيه العماد الذي أضاف: أن أهل صنعاء يعتقدون أن الدودحية تعيب بلدنا، مع أنها سيرة عاطفية جميلة، ومن موروثنا الثقافي تدلل على عظمة تراث المنطقة، وعمر الرواية للأغنية نحو مائتي عام، كما أنها فعل لا ينضب للتراث الغنائي، وتجدد لمعان هذه الأغنية في العام 1997 عندما جددتها المطربة اليهودية اليمنية التي تحمل الجنسية الإسرائيلية عفراء هزاع في ألبومها «كيريا» وحصلت بهذه الأغنية على جائزة الغناء العالمية «غرامي».[٤]

.


فاصلة ثلاثية:

اقتطاف من فكر صالح الشادي وحنجرة الأردني عمر العبد اللات:

«يوم ضاقت قلت وينك يالفرج

قال جيت وشفت

حولك ألف صاحب

... وخفت أسبب لك حرج»

تسجيلات للدودحية

  1. الوكالة تنشر حكاية "الدودحية "التي أجبرت وزير ثقافة على اليمن الهروب من" الباب الخلفي - http://www.alapn.com/ar/news.php?cat=11&id=28047
  2. "الدودحية" قصة حب مطمورة | مدونة أغاني يمنية Yemeni Songs http://shamsan2.blogspot.com/2013/03/blog-post_13.html
  3. ويكبيديا، الموسوعة الحرة - الدودحية https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%AF%D8%AD%D9%8A%D8%A9
  4. مأرب برس - عكاظ - علي فقندش